المسجد للصلاة والشورى :
1. الآيات القرآنيه عن فريضة الشورى نزلت في مكة ، ثم اصبح لها التطبيق العملى كفريضة اسلاميى في المدينة . والاسم السابق للمدينة" يثرب" فلما انتقل اليها النبى والمهاجرون واقيمت فيها اول دولة اسلامية حملت اسم "المدينة " لتكون عنوانا لدولة جديدة ومجتمع مدنى متحضر ، وكانت الشورى من ابرز ملامح ذلك المجتمع المدنى المتحضر خصوصا في عصور سيطرت عليها الجهالة والاستبداد والظلم .
وذلك المجتمع المدنى في " المدينة" عرف تطبيق كل الاوامر السامية التى نزل بها وحى القرآن ، ولأن الشورى نزلت في مكة مقترنة بالصلاة فقد مارسها المسلمون مع النبي في المسجد باعتبارها فريضة كفريضة الصلاة تماما .
والدليل على ذلك ان الصلاة والشورى معا كان لهما مكان واحد هو المسجد ، وأنه كان حين يجد أمر جديد يستلزم عقد الشورى كان المؤذن في المسجد ينادي في الناس " الصلاة جامعة " فيسرع الجميع الى المسجد ، تمام كما يحدث في الصلاة ، والفارق ان مواعيد الصلاة المنتظمة خمس مرات في اليوم ، اما عقد مجلس الشورى فكان يتم عندما يستدعى أمر يستوجب عقد المجلس فيؤذن المؤذن .
وكان أعضاء مجلس الشورى هم كل أفراد المجتمع المسلم كشان الصلاة وهم يهبون سراعا الى المسجد اذا قال لهم المؤذن " خى على الصلاة " للصلاة ، أو " الصلاة جامعة " للشورى .
2. وكان المنافقون يتكاسلون عن الذهاب للمسجد في أوقات الصلاة وكان بعض المؤمنين يتكاسلون عن الذهاب للمسجد حين يدعى الى الشورى . وقد عاب القرآن على المنافقين تكاسلهم عن النهوض للصلاة في المسجد فقال تعالى " ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى ، يراءون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا " النساء 142 .
وعاب القرآن ايضا على بعض المؤمنين حين كانوا يتكاسلون عن حضور الشورى في المسجد ، وكان ذلك في بداية عهد المؤمنين في المدينة ، وبداية توطيد الدولة المدنية فيها ، ولم يكونوا قد تعودوا تلك النظم ، ونزلت الآيات في سورة النور اولى ما نزل من السور المدنية ، وهى السورة التى حفلت بالتشريعات الاجتماعية والقانونية للمسلمين مثل الاستئذان والزي وعقاب جريمتي الزنا والقذف وزواج الفقراء والأرامل والنظام القضائي ، ثم الوعد لهم بالتمكين في الأرض وان يبدلهم الله بعد خوفهم امنا اذا سمعوا واستجابوا ، وفي خلال هذه التشريعات نزل قوله تعالى يعيب على بعض المؤمنين تكاسلهم عن حضور مجالس الشورى " انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ، واذا كانوا معه على امر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ، ان الذين يستأذنونك اولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله ، فاذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله ، ان الله غفور رحيم ، لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ، يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ، فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب أليم ، الا ان لله ما في السموات والأرض ، قد يعلم ما انتم عليه ، ويوم يرجعون اليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شئ عليم " النور 62،64 .
الآيات نزلت تعيب على بعض الذين يستأذنون النبى في عدم حضور الشورى والذين يتسللون بعد حضورهم ، ومعنى ذلك ان النبي كان ينفذ الشورى قبل نزول الآيات ، وحدثت تلك التجاوزات فنزلت الآيات تصحح وتوضح ، واذا عرفنا ان سورة النور من اوائل ما نزل في المدينة فمعناه ان ممارسة الشورى بدأت مبكرة في الايام الأولى لقيام الدولة المدنية في المدينة ، وانه كانت الشورى جذور في مجتمعات المسلمين السرية في مكة ، ومعلوم ان سورة الشورى نزلت في مكة .
هل يمكن تطبيق الشورى الاسلامية في عصرنا الراهن ؟:
ان تقوية المجتمع المدنى وقيامه على اسس الشورى هى السبيل الأمثل لمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية ، ليس بالشعار الاستبدادى المأثور القائل بأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ولكن باستنهاض كل افراد الأمة واخراجهم من السلبية وتحويلهم الى مسئولين ، كل في موقعه ، وحينئذ فلن تستطيع قوة داخلية او خارجية ان تهدد ذلك المجتمع .
وذلك يقودنا الى القضية التالية .. هل المقصود الديمقراطية الغربية القائمة على التمثيل النيابي وحكم النخبة وأهل الحل والعقد بتعبير التراث .. ام بالشورى الاسلامية الأصلية التى لا تعرف التمثيل النيابي وحكم الملأ وأهل الحل والحقد ؟ لقد تاكد لما سبق ان الشورى الاسلامية فريضة كالصلاة ملزمة لكل فرد ولا تقبل الاعذار في المرض او السفر او الحرب او في السلام ، ولا يقبل فيها الاستنابة او ان يحضر احد بدلا عن أحد .
وتأكد مما سبق ان المسلمين هذا النظام الشورى الكامل حقق المسلمون معجزة عسكرية وحضارية .. ولكن يبقى السؤال الهام .. هل يمكن تطبيق الشورى في عصرنا الراهن ؟؟
ان كثرة السكان وانصراف أغلبهم الى امور معاشهم مما يعطي الحجة لأنصار النظم الاستبدادية الصريحة والمقنعة او تلك التى تغطي عورة الاستبداد الطبقى بالتمثيل النيابي وأهل الحل والعقد .
والشورى الاسلامية مجرد ملمح من ملامح المجتمع الاسلامي يعمل باتساق مع العدالة الاجتماعية والرقى الحضارى واعتبار كل فرد فيه مسئولا ومشاركا في بناء المجتمع ، ومن الطبيعي ان الفرد اذا ضمن لنفسه حقوقه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها فلن يتخلف عن المشاركة في كل نواحى النشاط السياسي وغيره ، ولن تكون هناك أكثرية صامتة او سلبية بمثل ما نعانى منه الآن . ويتعلل انصار النظم الاستبدادية الصريحة والملتوية بأن هناك مناطق في السياسة والادارة والامور الحربية لا يعرفها الا المتخصصون ، ولابد من وجود هيئات وكودار لمباشرتها بعيدا عن الشورى التى تستلزم المشاركة الشعبية وابداء الرأى من كل فرد .
وقد سبق ان اوضحنا ان الشورى الاسلامية تسمح بانفراد الخبراء المتخصصين في شئون الحرب وغيرها وان يكونوا مرجعية يؤخذ برأيهم وهم هنا " أولو الأمر" أي اصحاب الشأن او الموضوع المطروح للبحث او اصحاب التخصص فيه ، وطاعتهم في اطار المقاصد التشريعية الكلية للقرآن ، وهى العدل والتيسير والأحسان والمعروف وألا تتعارض طاعتهم مع طاعة الله حيث انه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .. وذلك هو المقصود بقوله تعالى " يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " النساء 59 .
وفيما عدا مناطق التخصص فان الشورى الاسلامية تجعل المجتمع كله بافراد جميعا هم أهل الحل والعقد ، وتقدم لهم الاقتراحات او يقدمون الاقتراحات للبت فيها والاقتراع عليها ، ويعززها رأى الخبراء أولى الأمر اذا كان هناك ما يستدعى ذلك .
وقد يتعللون بأن اجراء الشورى بين كل أفراد المجتمع عملية مستحيلة اليوم اذ كيف يمكن توفير المكان المناسب لتجميع الملايين ، واذا كان ذلك ممكنا في المدينة في عصر النبى فهو مستحيل في عصرنا . ونعيد التأكيد هنا على ان الشورى مجرد ملمح من ملامح المجتمع المدنى الاسلامي يعمل باتساق مع الملامح الاخرى الاقتصادية والسياسية والاخلاقية والحضارية . وفيما يخص ذلك الموضوع فان من المستحيل فعلا ان تقوم الشورى الجماعية في دولة مركزية تحتكر عاصمتها كل مقاليد المور وتدير الأقاليم بنظام الحكم المحلى والادارة الفوقية الفردية ، فالرئيس تتركز في يده كل الخطوط وعن طريقه يتم التعيين للمحافظين ورجال الادارة في الاقاليم وكل الوزارات تزدحم وعن طريقه يتم تعيين المحافظين ورجال الادارة في الاقاليم وكل الوزارات تزدحم في العاصمة ومنها تباشر الاشراف الكامل – ظاهريا ورسميا- على شئون الاقاليم .
لا يمكن تصور ان تقام آلية الشورى الاسلامية في ذلك النظام المركزى المستبد ، وانما الذي يتناسب الشورى هو النظام المتكامل للادرارة المحلية الذي يصل الى كل قرية وضاحية وحى ، فكل مجتمع صغير يدير شئونه بنفسه ، ويتكون من كل افراده البالغين من الذكور والاناث مجلس الشورى ، وهم الذين يعينون الوظائف الادارية من الخفراء والأمن وباقى الوظائف ، وهم الذين يحاسبونهم ويعزلونهم ، اما الشئون العامة للدولة من العلاقات الخارجية والأمن والحرب فهو مقسوم بين أهل التخصص " أهل الذكر أولو الأمر " وبين المشاركة الشعبية بالرأى او ترسل قرية او كل مجتمع بالرأى الذي ترتضيه في الأمور المطروحة للمشورة الجماعية فيما يخص الوطن كله .
ولا ريب ان التقدم التكنولوجى في وسائل الاتصال والاعلام المرئى وامسموع والمقروء قد الغى المسافات بين الدول وليس فقط بين بلاد الوطن الواحد ، وعليه فان عصرنا الراهن هو انسب العصور للمشاركة الشعبية الكاملة ، حيث أصبح من الصعب اخفاء الحقائق عن الشعب وحيث اصبح من السهولة بمكان معرفة اتجاهات الرأى العام في اسرع وقت ، واذا تدخلت وسائل الاتصال الحديثة في اجراءات الشورى الكاملة لكل ابناء الوطن فسيكون ذلك سهلا وميسورا ومتاحا في نفس الوقت لكل بلد . اذن فالشورى الاسلامية التى لا تقبل التمثيل النيابي هى التى توافق عصرنا الراهن المفتوح ، عصر الفرد العادة وحقوق الانسان الذي لم بعد مكان لشخص او جماعة تدعى انها تفكر بالنيابة عن الاخرين .
وقد يقال اننا نتحدث عن الشورى الاسلامية ، وليس هناك مجتمع كله من المسلمين ، فماذا عن الأخوة الاقباط والنصارى وغير المسلمين من ابناء الوطن ؟ اليس ذلك تجاهلا لهم وتغريبا لهم عن وطنهم ؟
وتقول ان الأمر يحتاج الى تأصيل للمفاهيم الحقيقية للأيمان والاسلام واستقائها من القرآن ، واذا صححنا مفاهيمنا الاسلاسية بالقرآن نجونا من التطرف والأرهاب والتخلف والاستبداد . ان الاصل في كلمة الايمان هو الأمن والى هذا يشير قوله تعالى " الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الأمن وهم مهتدون " الانعام 81 . فالذين ىمنوا بالله " وآمنوا "للناس أى أمنهم الناس " فلم يختلط ايمانهم بظلم لله وللناس اولئك لهم " الأمن" عند الله ، اى الجزاء من جنس العمل ، او ان الايمان من الأمن والأمن من الايمان .
لذلك فالايمان له استعمالان في اللغة العربية والقرآن الكريم ، فكلمة "آمن بـ" أي اعتقد وكلمة "آمن لـ" بمعنى وثق واطمأن وشعر بالأمن ، ان الأغلب على كلمة الأيمان ومشتقاتها ان تأتى بمعنى الاعتقاد ومنها " آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " البقرة 285. لأن تصحيح الاعتقاد هو الهدف الأول للقرآن الكريم .
ومع ذلك فان الاستعمال الثانى لكلمة الايمان بمعنى الأمن والأمان جاء كثيرا في القرآن ، حيث يختفى المعنى بالتعامل بين البشر ، ونأتى ببعض الأمثلة السريعة . في قصة نوح قال له الملأ المتكبرون" انؤمن لك وأتبعك الأرذلون" الشعراء 111. أي كيف نؤمن لله ونثق فيك ونطمئن لك وقد اتبعك الفقراء ؟ .
وفى قصة يوسف قال أخوته لأبيهم " وما انت بمؤمن لنا " يوسف 17 . اى انت لا تثق فينا ولا تطمئن الينا . وقال اليهود " ولا تؤمنوا الا لمن تبع دينكم " آل عمران 73 . أي لا تطمئنوا الا لمن كان على دينكم ، وقال تعالى للمؤمنين عن اليهود " أفتطمعون ان يؤمنوا لكم " البقرة 75 . أي كيف تطمعون ان يثقوا فيكم ويطمئنوا لكم ؟ ونكتفى بهذه الأمثلة .
ان الدين له جانبان ، جانب خاص بالعلاقة بالله تعالى وهو الايمان به وعبادته ، وجانب خاص بالتعامل مع البشر ، وهو عدم الظلم للناس ، او شيوع الأمن والأمان وأن يأمنك الناس ويثقوا فيك ويطمئنوا لك . والذين آمنوا بالقرآن في عصر محمد عليه السلام جمعوا بين الأيمان العقيدي والايمان السلوكي ، واذا كان الأيمان العقيدي قلبيا لا يعلم حقيقته الا الله تعالى فقد كان ايمانهم السلوكي بمعنى الأمن او الاعتداء ظاهرا في تصرفاتهم حيث تحملوا الاضطهاد وكفوا ايديهم ، وبعد ان هاجروا للمدينة كرهو المر بالقتال حين فرضه الله عليهم فقال تعالى " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون " البقرة 216 .
لذلك أمر الله تعالى رسوله بأن يحرضهم على القتال دفاعا عن انفسهم ، فقال تعالى" وحرض المؤمنين عسى الله ان يكف بأس الذين كفروا " النساء 84 . والمهم ان الايمان يعنى الأمن في التعامل مع البشر والاعتقاد والتصديق في التعامل مع الله ، ونزلت آيه تحوى المعنيين معا وتصف النبى بأنه " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " التوبة 61 . أي يؤمن بالله تعالى ويصدق به ويثق في المؤمنين ويأمن لجانبهم . وعلامة الايمان الظاهرى ان يكون الانسان مأمون الجانب لا يعتدي على أحد ، اما يخص ايمانه الباطن او عقيدته فذلك مرجعه الى الله تعالى علام الغيوب ، وسيحكم فيه يوم القيامة او يوم الدين ، حيث تأجلت الأحكام على عقائد البشر الى ذلك اليوم " قل الله فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " الزمر46. واذن فكل البشر مؤمنون طالما يعيشون مع بعض في أمن وسلام والذي يخرج عن ذلك ويقتل مؤمنا مسالما فجزاؤه غضب الله عليه ولعنه وعذاب خالد في جهنم " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه وأعد له عذابا عظيما " وهذه الاية حكم عام ينطبق على كل من يقتل انسانا مسالما مأمون الجانب سواء كان القتيل منتسبا للأسلام او المسيحية او اليهودية او البوذية او اللادينية .. لذلك تقول الآية التالية تحدد مفهوم ذلك المؤمن الذي ينبغى الحرص على حقه في الحياة "يا أيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا " النساء 94،93. أي اذا كانوا في حرب فلابد ان يتبينوا حتى لا يقتلوا بريئا مؤمنا ، وعلامة اليمان ان يلقى السلام اى يكف يده عن الحرب ، وحينئذ يحق دمه ويصير مؤمنا في الظاهر بمجرد القاء السلام ، اما عقيدته فمرجعها الى الله تعالى يوم القيامة .
والاسلام في التعامل مع الله تعالى هو الانقياد المطلق والاستسلام القلبى والفعلى له تعالى وحده " قل ان صلاتى ونسكي ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا أول المسلمين" الانعام 162،163 . اما الاسلام الظاهرى فهو السلام والمسالمة او السلم ، يقول تعالى "يا ايها الذين آمنو ادخلوا في السلم كافة " البقرة 208 ، ولذلك فأن الحرب في الاسلام للدفاع ورد الاعتداء فقط ، وسبق ان اشرنا الى ان الذي يلقى بالسلام يكون مؤمنا ينبغى حقن دمه " ولا تقولن لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا "
والحديث يطول ، ولكن نكتفى منه بتقرير حقائق القرآن فى ان الاسلام والايمان في العلاقة بالله هما التصديق والايمان والاستسلام له وحده ، وفي التعامل مع البشر هما الأمن والأمن والسلم والسلام .. والحكم على البشر فيما يخص علاقتهم بالله وعقيدتهم فيه مرجعه الله تعالى يوم القيامة . اما فيما يخص التعامل بيننا فكلنا مسلمون مسالمون مؤمنون مأمونون ىمنون او هكذا ما ينبغى ان يكون ،وان الذي يعتدي على الناس انما يخرج عن بعض الاسلام والايمان مهما رفع من شعارات . وتطبيق حقائق القرآن على اى مجتمع فكل الناس فيه آمنون مؤمنون مسلمون مسالمون بغض النظر عن عقائدهم طالما يتمسكون بالأمن والسلام ، ولا يلجأون للحرب الا للدفاع عن انفسهم ضد المعتدين من المجرمين في الدفاع او الغزاة من الخارج .
وبتطبيق هذه الحقائق القرآنية على المجتمع المصرى بالذات فان أرض مصر دار امن وسلام وأيمان واسلام ، واهلها اشهر الناس بايثار السلام والسلامة ، فهم مسلمون مؤمنون بغض النظر عن عقائدهم وتصنيفاتهم الدينية .. ان مصر هى المكان الوحيد في الأرض – بعد المسجد الحرام الذى وصفه رب العزة بالأمن ، وقد جاء ذلك في قصة يوسف حين استقبل اياه يعقوب وأخوته وقال لهم "ادخلوا مصران شاء الله آمنين" الحجر 46.
والذي يخرج عن هذه الحقائق القرآنية فيقتل الآمنين المسالمين اى المؤمنين المسلمين من المصريين المسلمين والأقباط انما هو خارج عن دين الله تعالى ومستحق للعذاب واللعنة طبقا لمنطوق الآية(93) في سورة النساء ، سواء كان المقتول يحمل اسما اسلاميا او اسما قبطيا .
وطبقالحقائق القرآن السابقة فأهل مصر مسلمون مؤمنون ينطبق عليهم تشريع المشورة الاسلامية وليست غريبة عليهم وهم احق بها ، وكل المصريين تحت جناحها سواء ، وليس هناك أغلبية واقلية وانما هم جميعا امة واحدة تعيش في أمن وسلام في اقدم وطن واحد ، وينبغى ان يتكاتفوا جميعا ضد من يعتدي على امنهم وسلامهم تحت اى ادعاء . واذا كان بعضهم يرى ان كلمة "قبطي" تعنى"مصرى" سواء كان مسلما او مسيحيا فاننا نرى من واقع الحقائق القرآنية ان كل مصرى هو مؤمن مسلم طالما لا يرفع السلاح في وجه أخيه وطالما سلم الناس من أذاه ، ويكفي ان القرآن اكد في عشرات الآيات ان اختلاف العقائد والمذاهب حتى في اطار الدين الواحد مرجعه الى الله تعالى يوم القيامة ولا شأن لنا نحن بذلك " البقرة 113-يونس124-آل عمران 55- المائدة 48- الزمر 3" وتلك مجرد امثلة . بل أن حقائق القرآن تؤكد ان اختلاف العقائد يدعو الى حسن الصفح والغفران وليس للبغضاء والحقد ."الحجر 85- الزخرف 88،89" .
وفى النهاية فان اسس المجتمع المدنى في القرآن لا تنحصر في الشورى الكاملة التى يمارسها كل افراد المجتمع دينية وانما تشمل الى جانب ذلك سماحة دينية وعدالة اجتماعية اقتصادية ورعاية لكل بيوت العبادة ، وحرصا على الدفاع عن كل تلك القيم الحضارية ضد أى معتد من الداخل او الخارج ، وتكاتفا بين ابناء المجتمع يصل م الى الصدارة على مستوى العالم والى درجة انعدام السلبية في الداخل . ومن الطبيعي ان المجتمع المدنى القرآنى يرفض الحكم الطبقى المستتر خلف شعارات التمثيل النيابي او الديمقراطية المنقوصة التى تعبر عن اصحاب الثروات الذين يفكرون بالنيابة عن المجتمع في الظاهر ويفكرون في مصالحهم الخاصة في الحقيقة .
حين قام المجتمع المدنى في المدينة كانت العصور الوسطي تعتنق الاستبداد الديني السياسي ، وكانت دولة النبى بهذه المفاهيم الشورية خارجة عن ايقاع العصر السياسي والاجتماعى والاقتصادي ، لذا كان سهلا بعد ان وصل المسلمون الى الشام والعراق ومصر وفارس وورثوا كنوزهم ان يتأثروا بنبض العصر فضاعت الشورى واندثر المجتمع المدنى وحل محل الخلافة الراشدة الملك الوراثى العضوض القائم على القهر والقوة واحتكار الثروة ، وكان الخليفة الأموى يحكم بمعرفة أهل الحل والعقد من شيوخ القبائل ، ثم جاء الخليفة العباسي يحكم بمعونة ملأ جديد من كبار القادة وشيوخ بنى هاشم العباسيين وكان الملأ- أو اهل الحل والعقد – يفكرون فيما يرضى الخليفة بنفس ما كان يفعل ملأ فرعون موسى ، ثم جاءت الخلافة الفاطمية بمفهوم النص الألهى على اختيار الخليفة فأصبح الخليفة الفاطمى معصوما من الخطأ لا يحتاج الى ملأ يفكر له ، بل هو – طبقا للعقيدة الشيعية – يعلم التفسير الالهى والعلم اللدنى والغيب الالهة ، وقراراته معصومة عن الخطأ .. وتاريخ الخلافة – غير الراشدة- عند المسلمين لا يختلف عن تاريخ الاستبداد في القرون الوسطي ، فكل الحكام كانوا يحكمون بالحق الالهى المقدس سواء كان ذلك الحاكم خليفة عباسيا او فاطميا او امبراطورا للدولة الرومانية المقدسة او ملكا انجليزيا او فرنسيا . ثم افسحت الطبقة البرجوازية " المتوسطة" لنفسها مكانا تحت شمس اوروبا على حساب الأكليروس الأوربي " الملك والكهنة والأمراء والنبلاء"..
وقادت الصراع للحصول على الدستور الذى تقضب به على استبداد النظام القديم ، وخدعت البرجوازية جماهير الفلاحين والعمال بمقولة الانتخاب والتمثيل النيابي لتكرر بها نفس مقولة أهل الحل والعقد ، ولتكون هى نفسها في موقع الصدارة بعد ازاحة النظم القديمة ، وساعدها في ذلك دخول العالم في عصر المكتشفات الجغرافية والاستعمار والبحار والصناعات والتجارة العالمية والتقدم العلمي ، وفي ذلك العصر تحولت البرجوازية الى رأسمالية دولية وشركات عالمية أصبحت الآن" شركات متعددة الجنسية تحكم العالم في النظام العالمى الجديد ، بعد اضمحلال الاتحاد السوفيتي والعالم الشيوعى .
وفي هذا النظام العالمى الجديد اصبحت الرأسمالية تتحكم في الثروات القومية وفي ادوات الاتصال أي اصبحت تسيطر على المعدة والمخ والسمع والبصر ، واصبح نظام الرأسمالية الديمقراطي النيابي هو المثل الأعلى والحلم الذى يتطلع اليه مثقفو العالم الثالث الذين يعانون من استبداد الحكم العسكرى او الحزبى او الديني . بينما تختلف النظرة الواقعية عن تلك الصورة الوردية التى ترسمها الدعاية الغربية الرأسمالية لنظامها الديمقراطي ، فهى تلهى الجماهير بتمثيلية الأنتخاب التى تأتى برئيس يعبر عن النخبة الحاكمة التى تتحكم في الثروة ، ولا يستطيع الرئيس المنتخب ديمقراطيا ان يخرح عن النص والا تمت تصفيته كما حدث لرؤساء امريكين مثل ليكولن وجون كيندي .
ان الذي يملك الثروة هو الذي يحكم ، والفقير الذي ليس في بيته دقيق وخبز ليس لديه متسع للتفكير في الشورى او حال الأمة والمجتمع ، والقرآن الكريم كما فرض الشورى على كل مؤمن فأنه حارب قيام طبقة مترفة تتداول الثروة وتتحكم فيها ، فاحتوي القرآن على مبادئ اقتصادية تتيح توزيعا عادلا للثورة وتمنع تركزها في يد فئة قليلة وكان من مقاصد القرآن التشريعية للثروة والمال" كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" الحشر 7.
اى حتى لا يحتكر الاغنياء الثروة فيتكون منهم ملأ فرعون يزعم انه يملك الأرض ومن عليها . ان الاستبداد السياسي لا يمكن ان يوجد مع عدالة اجتماعية ، انما يمكن ان يوجد شكل من أشكال الخداع تقوم فيه الطبقات المترفة الحاكمة بغسيل مخ الفقراء الأكثرية بأن تلهيهم بمواكب الأنتخاب والتمثيل النيابي باعتباره الطريق الأوحد للوصول للحكم او تغيير الواقع الكئيب ، وتضيع اجيال " في انتظار جودو" او المهدى المنتظر، دون جدوى ، والنتيجة ان ينجح عملاء مترفين وبأموال الطبقات الثرية التى تتحكم في الاعلام والموارد وتقوم بتكلفة الحملات الأنتخابية وتبيع صورة وهمية للمرشح وتنفق على غسيل مخ للجماهخير حتى يصل احد المرشحين من المرشحين الذين تقدمهم الطبقات المترفة ، ويظل الحكم تديره تلك الطبقات الثرية من خلال الانتخاب والتمثيل النيابي ويمنعون كل "دخيل" من الاقتراب من دائرة الصفوة ، وحتى لو وصل من بين الكادحين شاب متحمس الى بعض تلك المجالس النيابية فسيضيع صوته بين ضجيج الأغلبية المتحكمة والمتآمرة ، واذا علا صوته وأصبح مؤثرا استطاعوا شراءه وابعاده عن قواعد الشعبية او استطاعوا تصفية ماديا او معنويا ، ويبقى الحال على ما هو عليه ، ظلم اجتماعي تستر عورته نظم سياسية خادعة ترفع لواء التمثيل النيابي ، والنتيجة اجهاض لكل أمل المطحونين في مكان تحت الشمس .. ويستمر النظام الديمقراطي الحر عنوانا براقا للحالمين من مثقفي العالم الثالث . وأحوال العالم الثالث اسوأ ، فالنخبة العسكرية او الحزبية تحكم وتعمل ضدها نخبة دينية ، وكل ثورة تأتى للحكم لا تلبث ان تحوز على الثروة ويظل الفقراء كما هم في حرمانهم وسلبيتهم ، والثوار من كل اتجاه ديني او حزبى او عسكرى يتاجرون بمتاعبهم ويرفعون شعارات براقة للاستهلاك المحلى وعيونهم في الواقع على الثروة والسلطة
الثلاثاء يوليو 12, 2011 8:30 am من طرف sweet girl
» أجمل فتاه في المنتدى
الأحد يوليو 10, 2011 10:07 am من طرف sweet girl
» هلاااااااااااااااااااااااااا
الأحد يوليو 10, 2011 10:04 am من طرف sweet girl
» ابي اكون مشرفه ........
الأحد يوليو 10, 2011 9:59 am من طرف sweet girl
» صورة في حقيبة الذكريات
الأحد يوليو 10, 2011 6:39 am من طرف sweet girl
» المـــوت حـــبــاً
الأحد يوليو 10, 2011 6:29 am من طرف sweet girl
» قلـــــــــــــ ب مجروح
الأحد يوليو 10, 2011 6:23 am من طرف sweet girl
» فوائد الوضوء قبل النوم
الأحد يوليو 10, 2011 6:20 am من طرف sweet girl
» خمسة أفكار لنزهة ممتعة لا تؤثر على ظروفك المادية بعد الزواج
الأحد يوليو 10, 2011 6:17 am من طرف sweet girl